الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ،نبينا محمد و على آله و صحبه ومن والاه ، أما بعد :
فإن حق الوالدين عظيم،ومنزلتهما عالية في الدين؛فبرهما قرين التوحيد،وشكرهما مقرون بشكر الله-عز وجل-والإحسان إليهما من أجل الأعمال،وأحبها إلى الكبير المتعال.قال الله عز وجل ”واعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً و بالوالدين احساناً“صدق الله العظيم.
ثم إن الأحاديث في هذا السياق كثيرة جداًمنها ما رواه ابن مسعود(رضي الله عنه) قال:سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ” أيُ العمل أحبُ إلى الله ؟ قال: ”الصلاة في وقتها “ قلت : ثم أيُ؟ قال: ” بر الوالدين “ قلت : ثم أيُ؟ قال: ”الجهاد في سبيل الله“ .رواه البخاري .
ثم إن بر الوالدين مما أقرته الفطر السوية،واتفقت عليه الشرائع السماوية،وهو خلق الأنبياء،ودأب الصالحين.
كما أنه دليل على صدق الإيمان ، و كرم النفس ، و حسن الوفاء .
وبرالوالدين من محاسن الشريعة الإسلامية ؛ ذلك أنه اعتراف بالجميل،وحفظ للفضل ، وعنوان على كمال الشريعة ، وإحاطتها بكافة الحقوق.
بخلاف الشرائع الأرضية التي لا تعرف للوالدين فضلاً،ولا ترعى لهما حقاً ، بل إنها تتنكر لهما ، وتزري بهما .
وها هو العالم الغربي بتقدمه التكنولوجي شاهد على ذلك ؛ فكأن الأم في تلك الأنظمة آلة إذا انتهت مدة صلاحيتها ضرب بها وجه الثرى .
و قصارى ما تفتقت عنه أذهانهم من صور البر أن ابتدعوا عيداً سنوياً سموه : ((عيد الأم )) . حيث يقدم الأبناء و البنات في ذلك اليوم إلى أمهاتهم باقات الورد معبرين لهن بها عن الحب و البّر و الطّاعة .
هذا منتهى ما توصلوا إليه بالبر ، يوم في السنة لا غير ! أين الرعاية ؟ أو أين الترحم ؟ أو أين الوفاء؟! لا علم لهم بتلك المعاني الشريفة الفاضلة، لا حظ لها عندهم .
أما حق الوالدين في الإسلام فقد مرّ بك شيء منه ، وليس ذلك فحسب ، بل إن الإسلام نهى عن العقوق، وحذر منه أشد التحذير،فهو كبيرة من الكبائر،وقرين للشرك.ويكفي في ذلك قوله عزّ من قائل : ”فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما“صدق الله العظيم . فما بالك بما فوق كلمة ” أفّ “ ؟!.والأحاديث كثيرة، منها ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما )عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال : ” الكبائر: الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس“ .
ومع تلك المكانة للوالدين ،و برغم ما جاء من الأمر الأكيد في برهما،و الزجر الشديد في النهي عن حقوقهما إلا أن فئات من الناس قد نسيت حظاً مما ذكّرت به ، فلم ترعى حق الوالدين ، ولم تبال في العقوق .
وأخيراً، أسأل الله بأسمائه الحسنى و صفاته العلى ، أن يجعلنا من الأتقياء الأبرار، و الأصفياء الأخيار ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله و صحبه والتابعين أجمعين .والحمد لله رب العالمين.